الاثنين، 30 نوفمبر 2009

صديقي أحمد

أحبُّ صديقي أحمد رغم أنه ليس مثلياً، فهو الوحيد الذي يعرف أني أحبّ الرجال ولم ينفر مني أو يتحرش بي أو يطلق لحية – كاذبة أغلب الأحيان – ليبشرني بنهاية قوم لوط ومصير كفار قريش، لكنه تقبّل مثليتيي بصدمة خفيفة وقال بهدوء "خلي بالك من نفسك.. ربنا يهديك"، وعندما أسير معه في الشارع وأعجب برجل لم أكن أخجل من التعليق عليه، وكان يتظاهر أنه ينتبه لما أقول، وعندما ألحّ – بقصد – في إعجابي بأي شاب يقول لي ضاحكا "أنت محظوظ لأني لست Gay ما كنت لأسمح لك بذلك".

كان أحمد أقرب أصدقائي وأكثرهم فهماً لشخصيتي، ولكن أصعب مرحلة في صداقتنا عندما دخلت في علاقة حب مع أحدهم، فلم يكن مقتنعاً أني قد أرتبط وأحب رجلاً، كنت أرى في عينيه نظرة غير مصدقة لما أقول عندما أقول له أني أحبه أو أني أخاف عليه وأحيانا أخاف منه، أراه يسألني مستفهما عما أقول ولكنه كان يخجل من مجرد السؤال حتى لا يحرجني أو يشعرني بالشخص الغاضب الرافض لتلك العلاقة الذي يسكن بداخله ويدعى الضمير.

لم يكن أحمد فقط هو الذي يرفض علاقتي بحبيبي ويتظاهر بالعكس، فأنا أيضا كنت أكره وأمِلُّ من كلامه وحكاياته عن زميلته التي اشترت له الشوكولاتة التي يفضلها، والأخرى التي خصصت له على هاتفها أغنية عبد الحليم حافظ "أهواك"، والتي تلمح له بإعجابها، والتي تفوقت عليهن جميعاً وصارحته أنها تحبه ولا تتمنى إلا أن تكون معه، ولكني لم أكن أجرؤ على الإفصاح له أني لا أقدر على سماع هذه الحكايات مثلما لن يقدر أن يستوعب مشاعري وحكاياتي عن الذي أحبه، بل نكاد أن نكون متزوجين.

* * * *

هل يمكن لدوامة الحياة أن تفرق صديقين؟ ربما... لماذا لا؟

جذبت ظروف الحياة أحمد وأخذتني مسئوليات عملي منه، وأصبح لقاؤنا اليومي أسبوعياً ثم شهرياً، وفي لقائنا آخر الشهر حكى لي عن "إلينا" صديقته الهولندية التي تعرف عليها على الإنترنت وتعيش مع صديقها ولديها طفل جميل من صديقها القديم، واندهشت من أنه لم يمارس الجنس إلا عندما تزوج مؤخراً، فرددت عليه أن حياة الـ Gays في مصر تشبه حياة الغرب قليلاً ولكن في الخفاء، فقد نحب مرة واثنتين وثلاثاً، وقد نعيش أحياناً سوياً ولكن دون أن يفصح أحد عن حياته السرية أو يعلنها للناس، فسألني ساخرا "وهل ستتزوج من صديقك؟" فلم أملك إجابة عليه.

بعد هذا اللقاء باثنى عشر لقاء قابلته فقال لي هل حكيت لك عن "إلينا"؟ فسألته : "من إلينا؟".. فقال صديقتي الهولندية، لم أكن متذكراً للتفاصيل بشكل جيد، فقال أنها تعيش الآن صدمة عاطفية كبيرة بعد أن تركها صديقها الثاني، فقلت ساخرا "ندل فعلا" فقال لي : لقد تذكرتك عندما قلت لي أن حياة الـ Gays تشبه لحياة الغرب، الآن قد تركها صديقها وسوف تكتب ابنها الثاني منه باسم أبيها، فهل كان يحبها حقا؟ أم كان يبحث عن مخدر وعندما أصبح منعدم التأثير تركه واشترى مخدراً آخر، منذ متى كان الحب شقة محدودة المدة أو مُسَكّناً ينتهي بالتعود والملل منه؟ كيف يقول صديقك في النهار أنه يعبدك وعندما يأتي المساء يأكلك وينفي أن الدماء التي على شفتيه منك، بل قد ينفي انه عرفك يوما من الأيام.. أي حب هذا؟؟

وقفت عاجزاً مرة أخرى أمام كل هذه الأسئلة.. وحمدت الله أنه لم يلمح خط الدماء الذي كان يسيل من ركن فمي!

السبت، 24 أكتوبر 2009

حضرة الكذاب.. أنا


الكذابون في كل مكان.. والمكذوب عليهم في كل مكان.. وأنا أكبر الكاذبين وأول المكذوب عليهم.. فقد علمني أحد الكاذبين كيف أكذب عندما كذب عليّ، فحفظت درسي جيداً وقمت بتعليمه لكل من يقابلني.. وفي نفس الوقت لم أنقطع يوما عن تلقى دروس متقدمة في الكذب من كذابين أكبر وأخطر مني.
من يجرؤ أن يقول أنه لم يكذب ولم يغش ولم يلعب ولم يتلاعب.. فليرفع اصبعه !!

* * *

على manjam يوجد
15702 شخص من مصر.. منهم 2033 يزعمون أنهم Top Only، وفي المقابل يؤكد 869 شخصاً أنهم Bottom Only، واختار 651 شخصاً Versatile Top و 521 شخصاً Versatile Bottom، أما الـ Versatile فعددهم 1847.. وبالتالي يتبقى 9781 لم يحددوا هويتهم.. منتهى النفاق والكذب في "أغلب" التصنيفات!!

* * *

اعتذاران.. وشكر

  • الاعتذار الأول : لمن يضيق بي لأني أسكت شهراً وأكتب سطراً، فأحيانا أشعر ان الكلام القليل أسرع في الوصول وأكثر تأثيرا من "الرغي"!

  • الاعتذار الثاني : لمن جرحته بقصد.. فأنا شخصيا لا أعرف لماذا، ولكني "كنت أكذب من شدة الصدق.. والحمدلله أني كذبت" كما قال نزار قباني.

  • شكراً جزيلاً لمن جرحته دون قصد فأرسل معاتباً وغاضباً وقاطعاً كل ما بيننا رغم أني لا أعرفه!!.. فقد جعلني أشعر - للحظة - أني لست ذلك المثالي الذي أزعمه، فقد أدركت أني أستطيع أن أكون كاذباً ومنافقاً ولصاً وقاتلاً.. حتى لو كنت لا أدري أنني كذلك!!

الجمعة، 25 سبتمبر 2009

من بلد الولاد

نحتاج دائما لمثل هذه الأحجار التي تعلن للناس عن وجود البحيرة الراكدة التي يتجنبون الاقتراب منها، ولكن لا أستطيع أن أقول عن "بلد الولاد" حجراً ثقيلاً ألقي في البحيرة، فقد واجهت الرواية الصغيرة معوقات كثيرة، بدءاً من دور النشر التي رفضتها والمكتبات التي نصبت نفسها رقيبا ورفضت بيعها، وانتهاءاً بمرورها على النخبة المثقفة في مصر مرور الكرام، فلم نجد من يقدمها أو يتناولها بشكل جاد، وفوق كل هذا عدم اهتمام أصحاب القضية أنفسهم بالبحث عنها وقراءتها ومناقشتها، ورغم كل هذا الظلم أرى أن الرواية كانت "حجراً متوسط الحجم" ألقي في البحيرة، لكن أهل القرية – كعادتهم – وضعوا أصابعهم في آذانهم. مبدئياً استطاعت القصة أن تصف وتنقل ملامح كثيرة من حياة المثليين في مصر، واستعرض الكاتب نماذج كثيرة من حياة المثليين، فهناك الذي يمارس الجنس من أجل دفع إيجار الغرفة التي يسكن فيها بعدما طرده أهله عندما عرفوا بمثليته، وهناك المثلي المتدين الذي قد يمارس الجنس مرة ثم يبكي ويعود إلى الله حتى يغلباه الشوق والشهوة فيرجع للجنس من جديد، وهناك الذي يبحث عن الجنس أولاً والذي يبحث عن الصداقة أولاً، إلى آخر النماذج التي كانت أشبه بالعرض المباشر دون محاولة من الكاتب أن يشرح لنا أعماق كل شخصية، كما شعرت أن الكاتب أراد أن يعلن للقارئ غير المثلي عن كيان المثليين، ويوصل له معلومات عنه مثل أماكن تجمعهم أمام حلواني حمدي حسن برمسيس أو أمام كنتاكي التحرير أو مقاهي البورصة، أو أسلوب تعامل بعض المثليين وأسماء الفتيات التي يطلقونها على بعضهم مثل سناء وميرنا وإنجي وليلى علوي، فقد كان أسلوب العرض مباشر بشكل كبير، وهذه إحدى سلبيات الرواية التي يشعر القارئ في أحيان كثيرة أنه يتلقى معلومات مجردة. وعند التعرض لبطل الرواية لم أحب – كمثلي – نقطة بداية ميول (عصام) الذي كان يرتدي "فستان بناتي وشبشب بناتي بوردة" وميله للعب مع البنات وتفضيله للعبة العروسة، حيث تترسخ لدى القارئ غير المثلي الصورة الذهنية المعتادة عن المثليين بأنهم "منسونين" مثل (محمد) الذي جعله المؤلف أقرب للفتاة منه لرجل من حيث الشكل والشعر والملابس، كما وقع الكاتب في فخ "التنميط" عندما تعرض الطفل عصام للاغتصاب، لتصبح أسباب المثلية محصورة بين التعرض للاغتصاب ومعاملة الطفل الذكر كأنثى، فالمثلية ليست حادثاً بل هي ميول داخل الإنسان يولد ويشعر بها قبل أن يدرك ويعرف شيئاً يدعى الجنس، وإذا كان الشيء بالشيء يذكر فقد كان مشهد الاغتصاب فقيراً للغاية من الناحية التصويرية أو النفسية، فجريمة مثل الاغتصاب لا يمكن أن نتناولها في صفحة ونصف الصفحة!! تناول الجنس في الأدب له أسلوبه وقواعده، فما أكثر القصص في المكتبة العربية التي تناولت المعاشرة الجنسية بأسلوب لا يجرح ولا يخجل بل يشوق، في حين الكاتب كان يلمح حيث يجب أن يصرح، وكان يصرح حيث يجب أن يلمح أو يصمت، فمسابقة "أفتح السوستة" لم أجد فيها سوى ترسيخاً زائداً لصورة المثلي الصغير صاحب الشبق الذي لا ينتهي حتى يفتح سوسته بنطلون كل تلميذ في المدرسة، وعندما يعجب بأحدهم يقترب منه ويمد يده ملاطفاً ويقول "إيه الحاجات الجامدة دي"، - من وجهة نظري – ورغم أن كل هذا موجود ويحدث، لكني شعرت بمدى سوقية المشهد الذي سوف يدفع الآخر لعدم تقبل المثلي وهو الهدف الأساسي من الرواية – تقبل الآخر -، فإذا كنت أنا المثلي لم أحب هذا الأسلوب فمن المؤكد أن غير المثلي سوف تزيد كراهيته ونظرته السلبية للمثلي. ولا أعرف لماذا خسر كل أبطال القصة أو من اقترب منهم، بدءاً من عمران الذي كان يشبع رغبات عصام لينقلب عليه بشكل درامي غريب وغير مبرر، فيترك القاهرة ويعود للصعيد ثم يترك مصر كلها ويسافر إلى ليبيا، وحسن الذي علّم عصام الـ Oral Sex وانتهت علاقتهما بشكل سريع ومفاجئ لم يتجاوز بضعة أسطر أكدت على صورة المثلي الذي لا يرغب إلا في إشباع احتياجاته، كما خسر سونه الذي تعرض مرتين للضرب مرة على يد الشيخ الذي ضربه لأنه يفتن المسلمين والأخرى على يد الشرطة، كما تعرض محمد صديق عصام لأصعب خسارة بفقدانه لعمله بمحل التصوير لأنه مثلي، وإذا كانت هذه النماذج تكشف من ناحية مدى معاناة المثليين في المجتمع المحافظ، ولكن معاناة المثليين أكبر بكثير من هذه المواقف، أو أن التعبير عن المعاناة كان ضعيفاً بشكل واضح، ولكن كان من المفروض أن تضع لنا القصة النموذج المضيء الإيجابي. يحسب للرواية تعرضها لطرفي الميزان في موضوع المثلية، وأقصد هنا الدين والدنيا، فالشيخ صلاح الذي صارحه عصام بميوله رأى أن المثلية ابتلاء مثل الفقر أو الفشل أو الغنى، والله لا يعاقب الإنسان على مشاعره مادامت لم تنفذ بل يضع صبره على هذا الابتلاء في ميزان حسناته، ومطلوب من المثلي أن يحول اتجاهاته المنحرفة وطاقاته السلبية إلى اتجاهات سوية إيجابية، ولكن ما لم يقله لنا الشيخ صلاح كيف ينفذ المثلي هذه الروشتة؟ فغير المثلي قادر على استثمار طاقاته المنحرفة في الزواج وتحويل اتجاهاته المنحرفة لمسارها الشرعي الطبيعي، ولكن ماذا يفعل المثلي؟ أما وجهة النظر العقلانية المدنية المعتدلة التي عبر عنها عصام المحاضر في ندوة تقبل الآخر في الثقافة العربية، رغم منطقيتها لكنها اصطدمت بالواقع وبرفض الحاضرين لندوة تقبل الآخر أن يتقبلوا عصام المثلي كما رفضوا دعم عصام له، فهذا واقعنا الذي نعاني منه ولا نقدر على تغييره، لذلك لجا الكاتب إلى النهاية المفتوحة، ليحمل عصام لافتة مكتوب عليها "أنا مثلي.. أنا إنسان" ويقف بها على كوبري قصر النيل، لكن الناس اهتموا بكلمة "مثلي" ولم يهتموا بالإنسان، وأمام نظرة دعم من شاب مثلي آخر ورسالة على الموبايل من عصام، كان المارة لا يعرفون معنى كلمة مثلي، وعندما يفهمون يسبون ويلعنون ويتوعدون، ثم يختلط صوت الآذان بصوت سيارة الشرطة ليتردد صوت محمد منير الذي رافقنا طوال هذه الرحلة "في بلد الولاد" معلنا أهم مطلب لدى كل مثلي "يهمني الإنسان"، ولكن الناس اهتموا بأن عصام مثلي ولعلهم لم يقرءوا الجزء الآخر من اللافتة التي يعلن فيها أنه "إنسان". وإنني أحتاج لتقديم تحية كبيرة للصحفي الشاب مصطفى فتحي على روايته الصغيرة ومحاولته – التي قد تصيب وقد تخيب – للتعبير عن كثيرين لا يقدرون على التعبير عن أنفسهم، ويا مصطفى يا "إنسان مصري.. وبس" شكراً على روايتك، ولعل قيمة الإنسانية هي الهدف الذي نسعى له جميعا، وكما قلت في بداية الرواية "كلنا إنسان".

الاثنين، 31 أغسطس 2009

رسائل غير موجهة

1 - أسأل نفسي كثيراً لماذا يتصرف الكثير "منا" على أن لا هم ولا هدف "لنا" سوى نصف ساعة على السرير في غرفة ضعيفة الإضاءة، لنتخلى عن شعورنا ومشاعرنا ويكون جسد فلان في الظلام مثل علان.. ولا فرق بين شفاه زيد وشفاه عبيد، والكل في الظلام يعطي نفس النتيجة!

2 - ألف ألف شكر لـ manjam وأخوته، فهم أكبر سوبرماركت تدخله باحثاً عن الطويل والقصير والأبيض والأسمر والمشعر والأملس.. حتى تجد الشخص "التفصيل"، ولكننا نفقد في هايبر الـ Gays شيئاً مهماً يدعى "الروح".

3 - رغم التجارب ورغم المتاعب.. فوجئت اني لازلت "أهبل" يمكن لأحدهم أن يقول لي على السرير بكل رهبة وخوف "أنا ماكنتش بوتوم أبداً"، وعندما قابلت اصحابه أجده قد قدّم لهم ما كان يمنّ عليّ به، مرة اخرى لازلت "أهبل"!

4 - أكد لي أن أحداً لم يلمس نصفه الخلفي، وقال أنه اعتاد على استخدام نصفه الأمامي.. وعندما كان لشهوتنا صوت لمست بلساني منطقة لم يمسسها أحد فوجدت صوت شهوته يتحول إلى صرخة، وأصبح يحاول ألا يصل لذروة الجنون، وعندما سألته قال: "تمنيت.. وخجلت.. وخفت" !

5 - جلست على المقهى انتظره، وطلبت عصير برتقال وزجاجة مياه صغيرة، وبعد أن جاء متأخراً على موعده ربع ساعة، سلم عليّ بسرعة وهاتفه لا يكف عن الرنين، واستأذن في الرد عليه وخرج من المقهي.. في الحقيقة لم أنتظر رجوعه أبداً لاني لمحته وهو يشغل الموسيقى أثناء دخوله للمقهى، كما لم أتمنَ رجوعه كذلك.. فللحظة تخيلت انه يرتدي "ملاية لف" !

6 - للعام الرابع على التوالي لم افرح بالصيف.. وللعام الثالث على التوالي لم اشعر بالشتاء.. وللعام الثاني على التوالي لم اذق طعم رمضان.. وللعام الأول أدرك أني لن لم أعد طفلاً.. ولكن رغم كل ذلك لا أزال أحاول!

7 - الرجال أنواع، فهناك الرجل "الرائحة" الذي يضع عطراً يسافر بك أو عطراً يرقص معك أو عطراً يذبحك،وهناك الرجل "الملابس" الذي يجذبك بألوان وذوق وأسلوب ارتداء ملابسه، وهناك الرجل "المال" الذي لا يمانع في شراء الدنيا لترضى وترضيه، وهناك الرجل "اللسان" الذي يأسرك بجمال حديثه وحسن أسلوبه ولباقته، وأنا شخصياً لازلت أحب ذلك الرجل الذي يخرج من تحت الدوش وتفوح منه رائحة التفاح ويلف على خصره "فوطه" صغيرة لا جيوب فيها، فأعطيه كوباً من الماء البارد لأشعر بدفء جسده.. وبروده لسانه!

الأحد، 26 يوليو 2009

طشة ملوخية!!


عندما تولى الحاكم بأمره ولايه مصر وهو في التاسعة من عمره، شهد عصره عجائب القرارات وأشهرها تحريم الملوخية، لأنه اعتبرها نبتاً شيطانياً، ولست أدري لأي مدى نجح في تطبيق قراره وحرمان المصريين من زراعة وتخريط وطشة الملوخية، ولكنني متأكد أن الملوخية كانت تزرع في حديقته وتؤكل تحت عينيه، وهو لا يملك سوى إصدار القرارات وتطبيقها على العباد صباحاً ليسخروا منها ليلاً.

تذكرت الحاكم بأمره وملوخيته عندما قرأت خبر نجاح اتحاد نقابات العمال في الإفلات من فخ كبير يدعو إلى إعطاء العمال الشواذ جنسيا حرية الانضمام للمؤسسات المختلفة، فاستشعروا بالخطر الذي يهدد باعتراف ضمني بالمثليين أمثالنا لنكون مثلنا مثلهم، لنطالب غداً بحقوقنا في فرص للعمل للمثليين الغير عاملين، فيجدوا البلد كلها تحولت لشواذ رغبة في الوظيفة، فقام ممثل الاتحاد في الاجتماع بالرفض التام لهذا الاقتراح معلنا أن "مصر لن تصدق على بند السماح بعمل الشواذ في مصر"!!

طب هو إيش عرفه؟ كيف يؤكد أن مصر لا يعمل الشواذ فيها؟ أين أشتغل أنا؟ وأين تشتغل أنت يا قاريء هذه الكلمات؟ في تايوان؟ كلام وتصريحات مثل"طشة الملوخية"، والطريف أن المتحدث في الخبر يرى أن "انتقال مثل هؤلاء العمال لن يفيد سوق العمل بشكل كبير، فى حين أنه قد يضر صحة العمال المخالطين لهم، بسبب احتمال انتقال فيروس نقص المناعة المكتسبة"، وسؤالي هنا.. ما الذي سوف ينقل العدوى من العمال الشواذ المرضى بالإيدز وكل أمراض الدنيا إلى عمالنا -الغير شواذ طبعا-؟ حد يجاوبني؟!!

أنا شخصيا أؤيد ألا يصرح أحد عن ميوله الجنسية، فلا أظن أن القانون -أي قانون- يجبر الشخص أن يفصح عن وضعه في السرير، ولكني سأطلب مطلباً عادلا وشرعياً للغاية، أتركوا الشواذ وتعييناتهم وحقوقهم، وانظروا قليلا للعمال المصابين بفيروسات الكبد B و C، فعندما يأتي رجل للتعيين في وظيفة - أي وظيفة - يطلب منه كشف طبي، وعندما تظهر إصابته بمرض ما يلغى تعاقده ويجد نفسه في الشارع ملعوناً مطروداً رغم أنه ليس شاذاً، وفوق كل هذا قد لا يجد ثمن علاجه من المرض الذي فوجيء به! انظروا لهؤلاء قبل أن تعلنوا التمسك بالقيم في مواجهة المثليين!

لقد كان تصريحا غبياً والأغبي منه تصريح عدم عمالة الشواذ، فإذ ا كان هذا صحيحا.. فما الذي نفعله في مرؤسينا وما الذي يفعله فينا رؤساؤنا؟ فالعجلة تدور وكلنا ننام فوق بعضنا البعض، وسمعني أغنية "رجالة وطول عمر ولادك يا بلدنا رجالة" وأهديها للحاكم بأمره القرن الواحد والعشرين.. وأقول له "ملوخيتك سقطت"!!

الجمعة، 12 يونيو 2009

في بيتنا.. أوباما


إذا كانت النساء يصفن الرجال بأنهم "جنس نمرود تندب في عينهم رصاصة" فلماذا أفترض العكس في صديقي الحميم - my lover - وأن يكون استثناءاً؟ فهو مثله مثل أي رجل له مغامراته البسيطة التي يقوم بها تحت عيني، ومغامرات أخرى أعطي لها ظهري ليقوم بها دون ان أعلم، ولكني لم أتحمل أبداً إعجابه وتحمسه لهذا الرجل الأسمر الذي سكن البيت الأبيض، وشعرت بالغيظ عندما قال أنه يتمنى أن يحصل على الجنسية الأمريكية ليوم واحد فقط ليصوت لأوباما في الانتخابات، وفي ليلة إعلان النتيجة أنشأ غرفة عمليات لمتابعة التصويت والفرز وإعلان النتائج، ولا أظن أن السفيرة الأمريكية نفسها سهرت كل هذا الوقت تنتظر وتترقب النتيجة مثل صديقي، وأدركت مع دخول أوباما للبيت الأبيض أني سوف أعيش أربع سنوات في "حُمى أوباما" !!

بدأت الغيرة تشتعل في قلبي، فأنا أدرك أن صديقي يميل لأوباما الذي يعد مثالياً له، ولكني أعرف أن حل مشكلة البطالة المزمنة التي يعاني منها صديقي أسهل بكثير من وصوله لغايته مع الرجل الأمريكي الأسمر الذي تجول في ثوانٍ إلى ملهم الشعب الأمريكي وإلى صداع في راسي ازدادت حدته عندما أعلن اوباما أنه سوف يزور مصر، فوجدت صديقي يعلن حالة الطواريء القصوى في البيت وكأن برنامج الرئيس الأمريكي سوف يتضمن زيارة بيتنا المتواضع، ولكن كيف أقنع صديقي؟ فنظرت إلى منزلنا فوجدته يعاني من مشاكل الإهمال والنظافة والترتيب، فانا أعيش مع صديقي منذ خمس سنوات، ولا أذكر أنناحركنا - مجرد تحريك - هذه السجادة بمدخل الشقة من مكانها، كنت أرى أمي تغسل جدران المنزل بالكامل كل شهر بالماء والصابون، وأتحدث مع زميلتي فتقول أنها تدهن منزلها كل عامين، فأين نحن من هذه اللمسات؟ نعم نحب بعضنا واستطعنا أن نمشي بمركبنا وسط كل ظروفنا الصعبة، ولكن ينقصنا الكثير من جماليات الحياة التي قد تعد بسيطة جداً ولكنها ضرورية جداً، وقررت أن أستثمر حماس صديقين فإذا قرر أن يغيّر شيئاً في حياتنا وبيتنا بمناسبة زيارة أوباما لمصر، فأهلا وسهلا به.

دفعت الكثير من أجل إرضاء صديقي وحبيبي، تحملت عمال الطلاء الذين قلبوا حياتي رأساً على عقب، وتحملت رجال النظاقة الذين أتوا لتنظيف الشقة بالكامل بعد عمال الطلاء،تحملت مواعيد "الصنايعية" وأسعارهم المبالغ فيها لـ "أفندي" مثلي، تحملت التطفل والأقدام الغريبة التي داست في شقتي، تحملت كل هذا لأحافظ على علاقتي مع صديقي المريض بأوباما.

وبعد أن هدأت العاصفة.. وأقلعت Air force one من مطار القاهرة على الهواء مباشرة يصاحبها تصفيق صديقي، وجدت نفسي أسأله، لقد صرفنا ما صرفناه وغيّرنا ما غيّرناه.. فماذا استفدنا؟ فرد باندهاش : ألم تسمع خطابه؟ لن نكون إرهابيين بعد اليوم، قضايانا الميتة من ستين عاماً سوف تتحرك.. لقد تغيرت أمريكا !

فقلت له : بالفعل تغيرت أمريكا ولكننا لم نتغير، هل طلاء الشقة أو إعادة ترتيب الأثاث أو حملة التنظيف التي سمحت لأغرب أن يقتحموا شقتنا كفيل بتغيير حياتنا أو تغيير نظرة الناس من حولنا؟؟ فقال لي : مش فاهم !!، فقلت له : الدنيا كلها تغيرت وأنت نفسك لم تتغير، كل ما فعلته هو "نيولوك" لنفسك، تحمست وانبهرت بصديقك الأمريكي لأنه أول من يتكلم عنك بشكل جيد "والغواني يغرهن الثناء"، ما الذي تغير فيك أنت؟

إنك تعاني من نفسك بطالتك، وتشكو من ضعف شخصيتك وقلة عملك واجتهادك وهوانك على الذين يسرقونك ليل نهار، وحتى الشقة التي دفعت فيها من أجلك "دم قلبي" سوف تعود بعد أسابيع لوضعها القديم ويعود لها ترابها وتلوثها، فهل فكرت يوماً أن تعتمد على نفسك وتنظفها؟ أم أننا دائما سوف ننتظر الرئيس الأمريكي لينظفها لنا؟!!

الخميس، 14 مايو 2009

حب قصير.. مصاب بالبواسير!!


تعجبت فيروز عندما سافر حبيبها الذي قبل الرحيل زعم أن حبه لها باقٍ، وطلب أن تتذكره وتصلي له و"الله كبير"، ومع مرور الأيام والسنوات لم يحدث تغيير حقيقي، فكل ما حدث ولا يزال يحدث أن "الله كبير"، ولكن الأيام تروح ولا تجيء، والحب يقل ويضعف، ولا دايم إلا وجه الله!!

ونحن هذا الشخص يا أصدقائي، نَتبدّل ونُبدِّل أحبائنا ونقول "غَيّرنا الزمن"، ثم نبتعد بإرادتنا عن أقرب الناس ونقول "الدنيا تلاهي"، لذلك أصبحنا فاشلين في مدرسة الحياة، وعند التحاقنا بكلية الغرام تكون نتيجة أول أختبار لنا "لم يحب أحد"، لأننا انتظرنا من الحب متعته وهربنا من معاناته التي لها أيضا متعتها، لكن لأننا لا نعرف الحب حقاً هرب منا، ويأتي لنا ضيف ثقيل يعيش معنا يدعى "ألم الذكرى".

مشكلة الحب أنه مثل الحياة فيها الحلو والمر، فمن الذي عاش في الدنيا بالحلو دون المر؟ إننا ندفع ضرائب على فنجان القهوة فلماذا لا يكون الصبر والتحمل والتضحية ضرائب الحب؟ حقا.. إننا أنانيون جداً في مشاعرنا، نريد أن نشرب قهوة الحب الساخنة دون أن تحرق لساننا، وحتى تضحيتنا هي أكبر صورة للأنانية، فنحن نضحى بكل الحب في أول محطة للألم والحزن، بل - من غبائنا - نستبدل هذا الألم بألم آخر ولكن من نوع آخر لا يقبل القسمة إلا على واحد.. هو أنت!

يضحكني كثيراً من يشكو من انتهاء قصة حبه بسفر حبيبه للخارج لعام أو عامين، وهو لا يقدر أن يعيش وسط الذئاب دون أن يرقص معهم، فأسأل نفسي هل الحب = جنس؟ هل إذا وقع الجنس من المعادلة على يضيع الحب؟ هل أحببت شريكك لأنه "أسد" على السرير وعندما ابتعد عنك قررت الذهاب للبحث عن آخر في حديقة الحيوان؟ إن الرجل قد يترك زوجته عامين بل أكثر ويسافر وراء رزقه، فهل من حقها أن تخونه أو تطلق منه أو تخلعه؟

يغيظني كثيراً من يقول أن سبب انفصاله عن حبيبه "الملل"، لم يعد السرير يعطي لهما تلك المتعة المعتادة، وأخيرا امتلئت عين كلاهما من صديقه وجاعت المعدة لأي رجل آخر في الشارع، عفوا.. هذا ليس حباً بل رغبة جنسية تتجمل في شكل الحب، فحتى لو دخل الملل - وهذا طبيعي في كل علاقة - لماذا لم تبحثا عن شيء يقربكما أكثر بدلا من التخلي عن الحب مع أول جولة؟ لم أفهم أبداً أسلوب هؤلاء الذين يبحثون عن الجنس تحت مسمى الحب، هؤلاء لن يجدوا الحب أبداً ولن يستمتعوا بالجنس يوماً.

الباحث الحقيقي عن الحب هو الذي يبحث عن الحياة، ولكن أغلبنا مرضى بقصر النظر ولا نرى أبعد من سرير الجنس، فلن يصبر أحد على صديقه عندما يصاب بالسكر وتنتهي أسطورة فحولته، ولن يقترب أحد من صديقه عندما يصاب بالبواسير وتعلن منطقة محظورة للأبد، إننا نبحث عن أشخاص وأدوار وأشكال ومصالح ووقت جميل، لكننا لم نبحث عن حياة كاملة بين اثنين، لذلك سوف نظل نعيش في الحب المؤقت القصير الذي ينتهي مع الإصابة بالسكر.. أو البواسير!!


الجمعة، 10 أبريل 2009

الاسم Gay الأصل Vampire

في طفولتنا تعرفنا على مصاصي الدماء من خلال كريستوفر لي Christopher Lee الذي قام بأدوار الكونت دراكولا بعينيه الدمويتين وملابسه السوداء وعباءته الحمراء، ورغم أنفاسنا المحبوسة رعباً طوال الفيلم كنت أراه شخصية هامشية للغاية تظهر بعد نصف ساعة من بداية الفيلم لتختفي ويبحث الأبطال عنها حتى النهاية ليقتل الكونت دراكولا على يد البروفيسور فان هلسنج.

ولكن – من وجهة نظري – الفيلم الذي كان انقلابا حقيقياً وأخرج مصاص الدماء من عباءة القاتل ليكشف تفكيره واحتياجاته وحزنه وجنونه كان فيلم Interview With The Vampire، فقد كان ليستات يحتاج لصديق يرافقه في حياته التي لا تنتهي فاختار لويس، ولكن شهوة ليستات للدماء تعارضت مع عفة لويس الذي كان يفضل الجوع ودماء الفئران عن إزهاق روح الإنسان، ورغم اختلافهما تحمل ليستات صديقه، وحاول أن يجذبه ويتقرب إليه بالفتاة الصغيرة كلوديا التي كانت شهوتها للدماء أكبر من ليستات، ولكن حكم عليها ألا تكون أنثى وتظل محبوسة في جسد طفلة طول حياتها اللانهائية، فاحتاجت لمن تعوض لها نقصها وأرادت أن تكون لها صديقة أو أخت أو أم، كما احتاج ليستات من قبل لرفيق.

ومنذ فترة شاهدت فيلما أستطيع أن أطلق عليه "Vampire's Titanic"، فيلم عن مصاصي الدماء دون نقطة دم أو أنياب أو رعب، فيلم "Twilight"، هو إدوارد وهي إيزابيلا، هو مصاص دماء وهي إنسانة، أحبها من أول نظرة واشتهى دمها رغم أنه يتغذى وعائلته على دماء الحيوانات، ولكن الحب كان أكبر من الشهوة وكانت الشهوة دافعاً للحب، وعندما عرفت أن حبيبها ذو التسعة عشر عاماً مولود من أكثر من مائتي عام، وعندما عرفت أن حبيبها لا روح لديه، وعندما عرفت أن حبيبها تريد شهوته أن يلتهمها.. أدركت أنه يحبها حقا، فمن قاوم شهوته من أجل حياتها فهو يحبها، ومن أصبحت هي روحه بعد أن كان بلا روح فهو يحبها، وعندما طلبت منه أن يحولها مثله لتعيش معه للأبد كان السؤال.. When you can live forever, What do you live for? ، وبدلاً من أن يعض عنقها قبلها وأخذ يرقص معها.. لأنه فعلا يحبها.

حياة الـ Gay مثل حياة الـ Vampire، فهو يحتاج لرفيق.. لصديق.. لأخ.. لحبيب مثل ليستات الشهواني ومثل لويس العفيف، وأحيانا يحتاج لمن يعوض له شيئاً يفتقده مثل كلوديا، وعندما يحب أحداً فهو يحبه فعلا مثل إدوارد حتى لو يكن الذي يحبه Gay، بل قد يرفض أن يكون من يحبه Gay، ولكن البعض الآخر يسعى لتحويل من يحبونه مثل دراكولا القديم عندما كان يحول من يحبها لمصاصة دماء، ولكن المشكلة - في رأيي - أن هذا الشخص لا يحب بل يشتهي، وبعد أن يقضي شهوته يترك وراءه جريحاً جديداً اعتاد ميولنا الجنسية دون ذنب سوى أن أحدهم أحبه ونجح
في جذبه إلى عالمنا.

أما صديقنا الشهواني - في نظري - يظل حاله من حال الكونت دراكولا، يخاف النهار ويظهر في الليل، وينتقل من دم لدم ومن تابوت لتابوت، بل قد لا يعنيه أبداً أن يعرف الناس حقيقته ويتجنبونه، حتى يقع في يد البروفيسور فان هلسنج، ويقتل بوتد خشبي يدق في... قلبه!!

الأحد، 1 مارس 2009

موقف × 2 !!


تعرضت لذلك الموقف مرتين في حياتي.. وفي المرتين هو هو.. بالحوار.. بأسلوب الكلام.. بالصدمة.. و.. وبنظرتك التي تتغير في ذلك الشخص.
اتصلت به لأقول له "عامل ايه" لا أكتر ولا أقل.. فأجده يقول لي "مين معايا"، عفوا.. رقمي كان مسجلاً لديك.. وبعد كلام وكلام.. "آآآآه.. أنت فلان؟! أنا حبيت واحد وبحاول أنسى الموضوع وأقطع علاقتي بكل الناس".
موقف سخيف.. من قال لك أني أتصل بك لأني أريد شيئاً منك؟
كنت أريدك صديقاً.. لكنك تخليت عن صداقتي من أجل شخص!
.. وعندما يتخلى عنك لا تبحث عن أي أصدقاء.. حتى أنا.
هذه رسالة لمن قال لي هذا الكلام.. اليوم.. ومنذ سبع سنوات!

الأحد، 1 فبراير 2009

تعددت الأساليب.. والحب واحد

  • نعم إنه حب.. حين كنت تسافر معه وتتمنى أن تنقلب السيارة التي يقودها لتموتا سوياً، ورغم أنك طموح لكن لا طموح بعد أن تجد من تحبه، فترغب في أن تموتا على الحب!
  • نعم إنه حب.. حين تنزل الشارع في الرابعة فجراً تدور مثل ذئب جائع، بداخلك ثورة ولا تجد ميداناً للتظاهر، بداخلك ذلك الحزن ولم يعد من يحمل عنك هذا الحزن، لا تجد سوى بعض الجوعى إليك، لكنك ترفض وجبات "بير السلم"، وتفضل الجوع القاتل والاستسلام للحزن وتعود لبيتك تغني "تفيد بأيه يا ندم؟".
  • نعم إنه حب.. حين تفتح ابتسامة ثغرك بقوة وتفرض ظلها الجميل على عينيك عندما ترى اثنين متشابكي الأيدي في الشارع، وبرغم البرودة التي تجمد أصابعك تقول الحمدلله أنها كانت دافئة ولو ليوم واحد!

  • نعم إنه حب.. حين أشهرت السكين وقتلت كل ذكرياتك، أنت لا تهرب من الذكريات إنك أجبن من مواجهتها

  • نعم إنه حب.. حين احتضنت أول عابر سبيل وأخدت تفتش في جسده عن شعرة تشبه شعرة في جسد حبيبك السابق، أو حاولت أن تقنع نفسك أن صوته يشبه صاحب الصوت الأثير لديك، وعندما تنزل من السرير تضحك على حالك وتقول "لم يكن وقتاً سيئاً"، بل كان وقتاً سيئاً للغاية لأنك لم تكن تمارس الجنس بل تبحث عن شخص تائه!!

  • نعم إنه حب.. حين تحرص على الأكل الحار وشرب البيبسي بكثرة وتتسكع في الشوارع وتسمع الأغاني بصوت عالٍ وتقف أمام محلات وسط البلد الرخيصة وتقرر عمل رجيم.. لأن من أحببته كان يكره كل هذا فيك!

  • نعم إنه حب.. حين تقرر ترك وظيفتك وإلقاء هويتك في الشارع، وتضع سكيناً بين أسنانك وتنزل للطرقات تبحث عن الذين لا يقدرون الحب ويتلاعبون بالناس لتقتلهم انتقاما لكل ضحاياهم، وعندما ترى دمهم يسيل على سكينك تشعر بالحزن لسببين، فمن خدعوه لا يعرف أنك انتقمنت له، ولأنك لا تجروء على الانتقام ممن أسال دمك!

  • نعم إنه حب.. حين تقف على المسرح تغني رغم الحريق الذي نشب، وقد هربت الفرقة الموسيقية وانتشر الذعر لدى الجمهور، والستائر المحترقة تنهار على خشبة المسرح والزهرة البرتقالية تحولت إلى غابة من الوهج والحرارة، ولكنك لا تزال تغني وتغني، وتعرف أنك بعد قليل سوف تصرخ وتصرخ، ولكنك تقول - من يأسك - "أريد أن أموت على المسرح"!!

  • نعم إنه حب.. لكن الحب أذكى منا جميعاً، فيتخفى في عباءة الكره والجنون واليأس والشهوة الرخيصة!

الخميس، 8 يناير 2009

حوار مع صديقي "الأستريت"

كان وسيما.. حاجباه ثقيلان يكادا أن يتصلا ببعض.. والذكاء واللهفة يتقدان من عينيه، وكتابان بالإنجليزية يحملهما في يده عرفت منهما أنه يدرس اللغة، كان يجلس بجواري يحاول النظر لي محرجاً ويرغب في الحديث ولا يعرف كيف يبدأ، فأحببت خجله، وعندما جاءت محطة المترو نزلنا معا واقتربت منه فوجدته يبتسم بخجل، فقلت له "أهلا بك" وبارتباك واضح في الحروف الأربعة قال "أهلا".

كان تعارفاً بسيطا، فطلبت منه أن نجلس في مكان لنتعارف أكثر فوافق لنجلس في أحد المقاهي المفتوحة، وأخذ يحدثني أنه ليس من القاهرة وقد جاء لزيارة صديق مريض بالقصر العيني، ثم قام بشراء كتابين يحتاجهما في دراسته بقسم اللغة الإنجليزية بكلية الآداب، وفجأة وجدته يسألني باندفاع: هل أنت Gay ؟

صدمت من أسلوب وشكل السؤال، فرددت بالإيجاب لتظهر على ثغره ابتسامة انتصار وقال "لقد خمنت ذلك"، لم أفهم ما يقصده، فسألته "وماذا عنك؟"، فظهر الانزعاج والغضب عليه، وقال وكأنه يشعر بلذة في كل حرف ينطقه: أنا رجل جداً و"جدع قوي" ولا يمكن أن أكون مثلك ولا أكره في حياتي إلا أمثالك، لقد شعرت أنك "منهم" عندما نظرت لي أول مرة، فقررت أن أجاريك لأعرف ما هو هدفك مني؟

كان قد تخلى عن ارتباكه الذي انتقل إليّ من المفاجأة، وشعرت أن هنالك شيء خطأ يحدث، فقلت له محافظاً على هدوء ظاهري "لماذا وافقت على التحدث معي؟ ولماذا جئت معي حتى هنا؟ وتوافق على شرب القهوة معي؟"

فقال بلهجة الذكي الذي أوقع الساذج في الفخ "لأعرفك.. وأتأكد أنك شاذ".
كاد صبري ينفذ، وأردت إنهاء هذا الهراء فقلت له "عموماً أنا إنسان خلقه الله كما خلقك، فإذا أردت أن تكون صديقاً لي فأنا لا أشترط في أصدقائي أن يكونوا Gays".

فقال باستياء: أنا أكون صديقاً لشخص مثلك؟!

فرددت بحسن نية: وما العيب؟
فقال بنفاذ صبر: أنت تنام مع الرجال.. من هم مثلك يجب قتلهم!

فقلت له: إن كنت أنام مع الرجال فهذا أفعله في سريري في غرفتي المغلقة بالباب وليس في ميدان عام، فلو كانت شريكتي في السرير امرأة أعاشرها في الحرام كيف كنت ستعاملني؟ سوف تقول أنني عاصٍ ومذنب لو كنت تقياً، وستقول عني "أسد الغابة" لو كان لك مطمع في المومس، ولكن لأنك تختلف معي في "التوجهات الجنسية" وترفض أفكاري وميولي تريد إعدامي في ميدان عام، عفواً.. إن الاغتيال أقسى أنواع التعبير عن الاختلاف في الرأي!!


أخذته الدهشة من أسلوبي، فأراد أن يأخذ موقع الهجوم ويتركني في الدفاع فقال: وهل مَنْ يوافق على القيام بدور المرأة على السرير يعد رجلاً؟ فيتعرى أمام رجل ويقبّل رجلاً ويوافق أن يفعل به رجل ما يفعل في المرأة.. أين الرجولة؟ أنت تتحجج بأنك تفعل ما تفعله في السر، ولكنك تخجل بل لا تجرؤ أن تصرح بذلك، هل سوف تقدر أن تذهب لعملك أو تضع عينك في عين جارك حين يعرف أنك تعاشر الرجال؟


مع كل هذا الهجوم تسللت ابتسامة هادئة إلى ملامحي لاإرادياً جعلته يندهش أكثر، وقلت: أنا شخصياً أرى أن الرجل هو الذي يتحمل المسئولية فيؤديها في عمله وحياته، الرجل عندي ليس من يضاجع المرآة فيحسن الأداء، الرجل هو الذي يستطيع أن يفعل شيئاً لنفسه ولحياته وحياة من حوله، ولو أخذنا بمفهومك عن الرجولة فأنت لا تعرف ما يفعله جارك مع زوجته في لحظاتهما الحميمة، فقد تكون تضربه أو تقيده في السرير لينام معها، فهل تراه رجلا رغم أن شريكته في السرير امرأة كاملة الأنوثة؟ إن الجنس ليس مقياساً للرجولة أو الأنوثة، فهي خِلقة خُلقناها وهرمونات تفجرت وبعضنا يحمل ميوله بداخله قبل أن يصل للبلوغ بل قبل أن يعرف وظيفة جهازه التناسلي أو يعرف شكل الجهاز التناسلي للنوع الآخر من البشر!!

وإن كان يجب أن أخجل من جيراني لأني Gay، فلماذا لم تخجل جارتي مني عندما قابلتها بعد أن أوسعت ابنها الأبكم المشلول ضرباً بالأيدي والأقدام وسبته بأقذع الشتائم لأنه تبول وتبرّز على نفسه حين كان وحده بالمنزل ولم يكن في وسع هذا المسكين إلا أن يصدر محاولات لقول كلمة "آه" لم ينجح فيها رغم التعذيب الذي يتعرض له!


كيف يضع جاري عينه في عيني بعد أن سمعتْ كل البناية التي نسكن فيها صوته وهو يضرب زوجته وابنتيه لا لشيء سوى أن إحداهن تحب زميلها في الكلية حباً "طبيعيا" بريئاً، فحين قالت له الأم هذه "الكارثة" أصبحت مشاركة في الجرم، والبنت الآخرى لابد أنها تعرف وتصمت عن أختها إن لم تكن هي الأخرى لديها من تحبه، فنزل فيهن ضرباً وركلاً وشتماً!

لماذا لا يضع جاري الشاب عينه في الأرض بعد أن سمعه الشارع كله وقد وقف مع أبيه الذي أراد الزواج من أخرى فأحالا حياة الأم إلى جحيم وأخذ يسب ويضرب أمه، وفي المساء كان يعاكس الفتيات مع أصدقاءه ويصرف معهم الجنيهات الخمسين التي حصل عليهم من أبيه مكافأة على عمله البطولي!

عفواً.. هذا واقعنا والدنيا "فيها وما فيها وعلى عينك يا تاجر"، والناس تمشي في الشوارع بلا خجل وهم أحق مني بالتواري خجلاً، أنا لا أفعل شيئاً يؤذيهم، بل اعتبرت نفسي من الأقليات التي لا تريد من الدنيا إلا أن تتركها في حالها، أجبني.. من الأحق بأن يخجل من الآخر؟

فقال وكأنه يوجه لي الضربة القاضية: وماذا عن الله؟ ألا تخجل منه؟


فقلت له: أدعِ الله أن يسامحني كما أدعوه في صلاتي.. فهو الأعلم بما في نفسي من نفسي.


فقال وقد أدرك أنه ربما أمسك بنقطة ضعف في كلامي: ولماذا أدعو لك؟ لقد توعد الله لك، إن الزاني يجلد أما أنت فعقابك من عقاب قوم لوط.

فقلت له: إن الله يعرف أني لم أغوِ أحداً لينام معي، ولم أجبر أحداً على الجنس يوماً، ولم أسرق ولم أتلاعب بأحد، فكنت أخاف على من معي كما أخاف على نفسي، بل كنت أخاف الله مثل اللص حين يسرق ويقول "يا رب أسترني"، ودعني أصارحك أن هنالك شخص يعيش بداخلي يفرح قليلاً حين لا أوفَّق في التعارف على شخص، أو حين أتعرف على شخص ونقرر أننا سنكون أصدقاء فقط لا غير، فلماذا لا يسامحني الله ورحمته وسعت كل شيء؟ أنا لست شيطاناً، بل هناك من أغوى أشخاصاً "مثلك" لينام معهم، وهناك من سرق بعد أن مارس الجنس وهناك من قتل، وهناك وهناك.. إن الله عند ظني به، وأنا أظنه رحماناً رحيماً عفواً غفوراً.

قال: أتحلل فعلك لنفسك؟

قلت: أنا لا أحلل بل حرمت ما أفعله، ولكن اللص إذا سرق طعاما وهو جائع هل ستقطع يده؟ لو فعلتها فالقني من فوق هضبة المقطم، هذه نفسيتي وهذه مشاعري!

ثم نظرت إلى الكتابين الذين على الطاولة وتناولت أحدهما وقرأت عنوانه بصوت عالٍ: The Picture of Dorian Gray.. وسألته: هل تقرأ لـ Oscar Wilde؟ فرد بالإيجاب، فقلت له: ربما تعلم أن Oscar Wilde كان Gay وهو في هذه القصة كان يتحدث عن شخصية الـ Gay ولكن بصورة غير مباشرة ولكنه استطاع ببراعة أن يرصد نفسية ومشاعر وأفكار الـ Gay، فلماذا تقرأ له وأنت تعرف أنه شاذ كما تقول؟ إنه كاتب عبقري عظيم ولكنك لم ترفضه، هذا هو من أقول عنه رجل، ولعلمك هناك علاقة ما بين الشخص المتفوق والفنان وبين ميوله الجنسية، فالكثير من الفنانين لديهم نفس ميولي، وأضفت ساخراً: بالمناسبة أنت تدرس في Faculty of Arts، ولو ترجمناها حرفيا لكنت في كلية الفنون!

ثم عدت أسأله: هل صديقك الذي كنت تزوره بخير؟ فردبحذر: ولماذا تسأل؟ فقلت له باسماً لأنني أعرف ثلاثة أطباء في القصر العيني Gays ربما يكون أحدهم يعالجه فعلا، بل أني لدي ثلاثة أصدقاء آخرين في كلية الطب ربما يتدربون على حالته، لا قدر الله لو أصيب صديقك بمكروه.. هل سترفض أن يعالجه طبيب Gay؟ هل سترفض أن يترافع عنك محامٍ Gay؟ هل سترفض أن تتعامل مع بائع أو تاجر أو موظف Gay؟


يا صديقي "الأستريت" أنا لم أطلب منك سوى أن تتعامل معي كما أعاملك، لقد عاملتك باحترام وعرضت عليك صداقتي دون أن أطلب منك مقابلاً جنسياً أو مادياً ودون أن يكون بيننا مصلحة فرفضتني لأني في آخر الليل قد – أقول قد – أحتضن رجلاً مشعراً على سريري، ولكن مشكلتك أن أحداً لم يرك وأنت تتمنى من داخلك أن تكون هذا الرجل، بل لا تريد أن تعترف لنفسك بذلك !!