الجمعة، 12 يونيو 2009

في بيتنا.. أوباما


إذا كانت النساء يصفن الرجال بأنهم "جنس نمرود تندب في عينهم رصاصة" فلماذا أفترض العكس في صديقي الحميم - my lover - وأن يكون استثناءاً؟ فهو مثله مثل أي رجل له مغامراته البسيطة التي يقوم بها تحت عيني، ومغامرات أخرى أعطي لها ظهري ليقوم بها دون ان أعلم، ولكني لم أتحمل أبداً إعجابه وتحمسه لهذا الرجل الأسمر الذي سكن البيت الأبيض، وشعرت بالغيظ عندما قال أنه يتمنى أن يحصل على الجنسية الأمريكية ليوم واحد فقط ليصوت لأوباما في الانتخابات، وفي ليلة إعلان النتيجة أنشأ غرفة عمليات لمتابعة التصويت والفرز وإعلان النتائج، ولا أظن أن السفيرة الأمريكية نفسها سهرت كل هذا الوقت تنتظر وتترقب النتيجة مثل صديقي، وأدركت مع دخول أوباما للبيت الأبيض أني سوف أعيش أربع سنوات في "حُمى أوباما" !!

بدأت الغيرة تشتعل في قلبي، فأنا أدرك أن صديقي يميل لأوباما الذي يعد مثالياً له، ولكني أعرف أن حل مشكلة البطالة المزمنة التي يعاني منها صديقي أسهل بكثير من وصوله لغايته مع الرجل الأمريكي الأسمر الذي تجول في ثوانٍ إلى ملهم الشعب الأمريكي وإلى صداع في راسي ازدادت حدته عندما أعلن اوباما أنه سوف يزور مصر، فوجدت صديقي يعلن حالة الطواريء القصوى في البيت وكأن برنامج الرئيس الأمريكي سوف يتضمن زيارة بيتنا المتواضع، ولكن كيف أقنع صديقي؟ فنظرت إلى منزلنا فوجدته يعاني من مشاكل الإهمال والنظافة والترتيب، فانا أعيش مع صديقي منذ خمس سنوات، ولا أذكر أنناحركنا - مجرد تحريك - هذه السجادة بمدخل الشقة من مكانها، كنت أرى أمي تغسل جدران المنزل بالكامل كل شهر بالماء والصابون، وأتحدث مع زميلتي فتقول أنها تدهن منزلها كل عامين، فأين نحن من هذه اللمسات؟ نعم نحب بعضنا واستطعنا أن نمشي بمركبنا وسط كل ظروفنا الصعبة، ولكن ينقصنا الكثير من جماليات الحياة التي قد تعد بسيطة جداً ولكنها ضرورية جداً، وقررت أن أستثمر حماس صديقين فإذا قرر أن يغيّر شيئاً في حياتنا وبيتنا بمناسبة زيارة أوباما لمصر، فأهلا وسهلا به.

دفعت الكثير من أجل إرضاء صديقي وحبيبي، تحملت عمال الطلاء الذين قلبوا حياتي رأساً على عقب، وتحملت رجال النظاقة الذين أتوا لتنظيف الشقة بالكامل بعد عمال الطلاء،تحملت مواعيد "الصنايعية" وأسعارهم المبالغ فيها لـ "أفندي" مثلي، تحملت التطفل والأقدام الغريبة التي داست في شقتي، تحملت كل هذا لأحافظ على علاقتي مع صديقي المريض بأوباما.

وبعد أن هدأت العاصفة.. وأقلعت Air force one من مطار القاهرة على الهواء مباشرة يصاحبها تصفيق صديقي، وجدت نفسي أسأله، لقد صرفنا ما صرفناه وغيّرنا ما غيّرناه.. فماذا استفدنا؟ فرد باندهاش : ألم تسمع خطابه؟ لن نكون إرهابيين بعد اليوم، قضايانا الميتة من ستين عاماً سوف تتحرك.. لقد تغيرت أمريكا !

فقلت له : بالفعل تغيرت أمريكا ولكننا لم نتغير، هل طلاء الشقة أو إعادة ترتيب الأثاث أو حملة التنظيف التي سمحت لأغرب أن يقتحموا شقتنا كفيل بتغيير حياتنا أو تغيير نظرة الناس من حولنا؟؟ فقال لي : مش فاهم !!، فقلت له : الدنيا كلها تغيرت وأنت نفسك لم تتغير، كل ما فعلته هو "نيولوك" لنفسك، تحمست وانبهرت بصديقك الأمريكي لأنه أول من يتكلم عنك بشكل جيد "والغواني يغرهن الثناء"، ما الذي تغير فيك أنت؟

إنك تعاني من نفسك بطالتك، وتشكو من ضعف شخصيتك وقلة عملك واجتهادك وهوانك على الذين يسرقونك ليل نهار، وحتى الشقة التي دفعت فيها من أجلك "دم قلبي" سوف تعود بعد أسابيع لوضعها القديم ويعود لها ترابها وتلوثها، فهل فكرت يوماً أن تعتمد على نفسك وتنظفها؟ أم أننا دائما سوف ننتظر الرئيس الأمريكي لينظفها لنا؟!!