الخميس، 14 مايو 2009

حب قصير.. مصاب بالبواسير!!


تعجبت فيروز عندما سافر حبيبها الذي قبل الرحيل زعم أن حبه لها باقٍ، وطلب أن تتذكره وتصلي له و"الله كبير"، ومع مرور الأيام والسنوات لم يحدث تغيير حقيقي، فكل ما حدث ولا يزال يحدث أن "الله كبير"، ولكن الأيام تروح ولا تجيء، والحب يقل ويضعف، ولا دايم إلا وجه الله!!

ونحن هذا الشخص يا أصدقائي، نَتبدّل ونُبدِّل أحبائنا ونقول "غَيّرنا الزمن"، ثم نبتعد بإرادتنا عن أقرب الناس ونقول "الدنيا تلاهي"، لذلك أصبحنا فاشلين في مدرسة الحياة، وعند التحاقنا بكلية الغرام تكون نتيجة أول أختبار لنا "لم يحب أحد"، لأننا انتظرنا من الحب متعته وهربنا من معاناته التي لها أيضا متعتها، لكن لأننا لا نعرف الحب حقاً هرب منا، ويأتي لنا ضيف ثقيل يعيش معنا يدعى "ألم الذكرى".

مشكلة الحب أنه مثل الحياة فيها الحلو والمر، فمن الذي عاش في الدنيا بالحلو دون المر؟ إننا ندفع ضرائب على فنجان القهوة فلماذا لا يكون الصبر والتحمل والتضحية ضرائب الحب؟ حقا.. إننا أنانيون جداً في مشاعرنا، نريد أن نشرب قهوة الحب الساخنة دون أن تحرق لساننا، وحتى تضحيتنا هي أكبر صورة للأنانية، فنحن نضحى بكل الحب في أول محطة للألم والحزن، بل - من غبائنا - نستبدل هذا الألم بألم آخر ولكن من نوع آخر لا يقبل القسمة إلا على واحد.. هو أنت!

يضحكني كثيراً من يشكو من انتهاء قصة حبه بسفر حبيبه للخارج لعام أو عامين، وهو لا يقدر أن يعيش وسط الذئاب دون أن يرقص معهم، فأسأل نفسي هل الحب = جنس؟ هل إذا وقع الجنس من المعادلة على يضيع الحب؟ هل أحببت شريكك لأنه "أسد" على السرير وعندما ابتعد عنك قررت الذهاب للبحث عن آخر في حديقة الحيوان؟ إن الرجل قد يترك زوجته عامين بل أكثر ويسافر وراء رزقه، فهل من حقها أن تخونه أو تطلق منه أو تخلعه؟

يغيظني كثيراً من يقول أن سبب انفصاله عن حبيبه "الملل"، لم يعد السرير يعطي لهما تلك المتعة المعتادة، وأخيرا امتلئت عين كلاهما من صديقه وجاعت المعدة لأي رجل آخر في الشارع، عفوا.. هذا ليس حباً بل رغبة جنسية تتجمل في شكل الحب، فحتى لو دخل الملل - وهذا طبيعي في كل علاقة - لماذا لم تبحثا عن شيء يقربكما أكثر بدلا من التخلي عن الحب مع أول جولة؟ لم أفهم أبداً أسلوب هؤلاء الذين يبحثون عن الجنس تحت مسمى الحب، هؤلاء لن يجدوا الحب أبداً ولن يستمتعوا بالجنس يوماً.

الباحث الحقيقي عن الحب هو الذي يبحث عن الحياة، ولكن أغلبنا مرضى بقصر النظر ولا نرى أبعد من سرير الجنس، فلن يصبر أحد على صديقه عندما يصاب بالسكر وتنتهي أسطورة فحولته، ولن يقترب أحد من صديقه عندما يصاب بالبواسير وتعلن منطقة محظورة للأبد، إننا نبحث عن أشخاص وأدوار وأشكال ومصالح ووقت جميل، لكننا لم نبحث عن حياة كاملة بين اثنين، لذلك سوف نظل نعيش في الحب المؤقت القصير الذي ينتهي مع الإصابة بالسكر.. أو البواسير!!