الجمعة، 29 مارس 2013

إرهاب المثلية

رأيي صواب يحتمل الخطأ.. ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب
"الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه"
 *   *   *
بلد منقسم بين تيارات دينية ومدنية، تنتشر القمامة في شوارعة ويبدو أن أهلها يلقونها بهذا الشكل انتقاما من حكومة لا تقدم لهم خدمات ولا تبرع إلا في جباية الضرائب، أسعار السلع فيه تختلف من شارع لشارع، وترتفع من شهر لشهر، ضاعت فيها قيمة الخمسة قروش ثم العشرة ثم الخمسة والعشرون قرشا، وأصبح الجنية لا يكفي ثمن مواصلة عامة من أول شارع الهرم لمنتصفه، قامت ثورة هذا البلد وبعدما قامت بعامين تحول المتهمون بقتل الثوار لأبرياء بأحكام قضائية لا ترى إلا أوراق الحيل القانونية، أما لصوص العهد البائد يتصالحون اليوم مع خصومهم السياسيين والأيدلوجيين مقابل حفنة من ملايين الدولارات لتسعف الاقتصاد المتردي، في هذا البلد الكئيب الذي لا تأمن الفتاة على جسمها في مظاهرة، ولا يأمن رجل ما في جيبه وهو يسير في الشارع في ساعة متأخرة، ولا يأمن سائق السيارة على حياته في الطرق السريعة ليس بسبب سوء حالة الطريق ولكن بسبب العصابات التي تخيرك بين تسليم سيارتك لهم أو تسليم روحك لبارءها، ووسط كل هذا تجد إعلامييها وصحفييها يعبدون من يملكهم، فالصحف الحزبية تمجد الحزب الفاشل، والقومية تلعق نعل الحاكم والحكومة، والخاصة تجري وراء العظمة التي يلقيها لها صاحبها، ولتكتمل الصورة الكئيبة نسمع في الخلفية أعنية "فيها حاجة حلوة" التي يصر ساكن ماسبيرو أن يؤلمنا بها كل صباح، ما قيمة رفض رهاب المثلية في بلد لديه رهاب من نفسه؟
حياتنا كلها رهاب في رهاب، لدينا رهاب من المدنيين والدينيين، لدينا أرتكاريا من الناجحين والمتفوقين والقادرين على الابتكار لمجرد أنهم ليسوا نحن، ليسوا من حزبنا ولا من ديننا، ولم ينزلوا التحرير في الوقت الذي نزلنا، نحن ضد من يختلف معنا ولا نتقبله، فكيف تطلبون من هؤلاء الناس أن يفكروا بإيجابية في المثلية الجنسية؟ أريد أن أتعرف بالعبقري الذي كتب علامة الهاشتاج وبجوارها عبارة "ضد_رهاب_المثلية"، نفخ في الناي وجمع كل فئران المدينة حولنا بكل اختلافاتهم السياسية على جسد الوطن توحدوا لإنقاذ جسد الفضيلة من أسنان المثليين الشرسة وأنفاسهم الكريهة وأظافرهم القذرة، جاءوا دون طعام ولا شراب ليستروا عوراتنا والأجر والثواب عند الله.
عزيزي الذي جئت حاملا سيفا رافضا قوم لوط الذين بعثوا من البحر الميت في القرن الواحد والعشرين.. هل فكرت لحظة أن نتبادل أدوارنا؟ أن تفكر بعقولنا وترى بعيوننا، لعل عقلك يهديك لحل لمأساة فئة اختارت أن تعيش الاضطهاد، أنت وأنا لم نختر فطرتنا، أنت انجذبت لصديقتك وأحببتها وشعرت بذلك العضو يدفأ ويتمدد عندما تراها قادمة من آخر الشارع، وتشعر أنك تمتلك الدنيا عندما تمسك يديها، وأنا مثلك بالضبط، ولكن انجذبت لصديقي وأحببته، وشعرت بذلك العضو يدفأ ويتمدد عندما سمعت صوته في الهاتف فكان أحلى من المعزف والعازف، لو استطعت أن تغير ميولك تجاه صديقتك وتجد في وجدانك شعورا تجاه رجل سوف يكون ذلك برهانا عظيما على أني أستطيع أن أجد مشاعر الحب والانجذاب الحقيقية تجاه فتاة، الفطرة نولد بها كما نولد بفصيلة دم وبصفات وطباع لا تتبدل ولا تتحول، فكيف أغير شيئا بداخلي ولدت به، هل يملك النهر تغييرا لمجراه؟ انا لن أتغير.. وأنتم لن تتغيروا!!
رهاب المثلية مصطلح واسع على عقول احتفت بالحبة الزرقاء دون أن تدرك إن المشاعر هي التي تحرك الحب وليست الفياجرا، ومقاومة هذه الفوبيا لم تصل أمريكا بجلالة قدرها، فكيف نطلب من الشعب الذي قام بثورة الحرية ثم باعها في اليوم الثاني لأول سجان قابله أن يؤمن بهذا النوع من الحريات، أنهم صنعوا تمثالا من العجوة ليعبدوه وعندما جاعوا أكلوه، وحكومتهم عندما أرادات تمرير مشروع قانون الصكوك الإسلامية بعيدا عن الأزهر حذفوا كلمة "الإسلامية"، كيف نطلب منهم أن يحترمونا؟ كيف يرانا مَنْ لا يرون مَنْ يختلفون معهم؟ هذا بلد بلا حرية، حريته كاذبة.. ماسخة.. ناقصة.. حريته شاذة لأتها ليست لكل أهله، الحرية مطر ينزل على كل الناس ولا يفرق بينهم، وفي بلادنا السماء لا تمطر إلا في عناوين جرائد منافقة، هذا بلد لا عقل له يقتل أولاده ولا يجزع لمرأى الدم إلا عندما تتطلب الضرورة وحسب فصول المسرحية.
لقد كان الهاشتاج حول رهاب المثلية.. فكانت التعليقات إرهابا للمثلية، فالأخوة السعوديون الذين رغم حجب المواقع الإباحية في بلدهم يسجل أكثر من 9 آلاف مثلي سعودي في موقع manjam وحده، دون الدخول في مواقع التعارف الأخرى، ودون البحث عن عدد المثليات، هؤلاء الأخوة يطالبون بإحراق المثليين ويشكون من إن الهاشتاج مستفز، ألا تعرف وضع المثلية – أو الشذوذ – في بلادك؟! واحدة أخرى أعلنت احترامها للملحدين لكنها لا تحترم المثليين!!! ما أروع الإيمان، وبالتوازي تظهر لينكات خطب دروس الشيخ أبو حيان التعبان، والداعية الكبير صالح المصالح، والعلامة حازم اللسان أبو عقل ورمان، للحديث عن قوم لوط، وإذا كلمناهم عن العلم فعلوا فعل أولاد حارة نجيب محفوظ التي أدمنت النسيان وترفض وتحارب كل جديد ولو كان صوابا، هذه الحارة التي عندما جاءها عرفة طردته ورفضته وفضلت عليه الفتوة الطاغية لمجرد أنه أبن حارتهم الذي اعتادوا عليه.
ما هذا الغباء؟.. كيف أطلب التغيير والحرية من شعب.. من أمة.. من عقول عشقت أفلام مثلية الفتيات "لأنهم بيسخنوا بعض كويس وكل واحدة عارفة تدخل للتانية منين" كما قال أحد أصدقائي، لماذا لم ترفض مثليتهن؟ هل وجدت فيها "كتالوج" أو اعتبرتها من المواد المحفزة على الإشعال الذاتي؟ إنها نفس الانتهازية السياسية التي نعيشها، لم يجدوا سبيلا لأحمد دومة في أحداث المقطم فاتهموه في قضية حرق مقرات شفيق، هل كان دومة معارضا لشفيق على طول الخط؟ نعم.. فكان رد شفيق هو التنازل عن بلاغات حرق المقرات حفاظا على شباب الثورة، شعب يعيش ازدواجية جنسية وسياسية، وحتى عندما ينظر للمرآة يصاب بحالة فصام، فنعمل مالا نحب ونحب مالا نملك ونزهد فيما نملك.. أنا شخصيا ارفض أن يتقبلني هذا المجتمع المتناقض المنافق ، أرفض أن أنال حقا لي وأنا أرى كل الناس لا تعرف حقوقها وتفرط فيها وتتهاون فيها وفي المساء تبلع أفيونة القضاء والقدر والرضاء وتنام، أخاف من حرية لا تساوي في نفوس المجتمع خردلة، كيف أطلب منك أن تتقبلني، إنها كارثة لو فتحت لي ذراعك مرحبا، هنالك فخ في الأمر.. هي المدام منيماك النهاردة على الكنبة؟؟

هناك تعليق واحد:

غير معرف يقول...

رائع ‏..حاسس ان انا مش عايز اتكلم ‏..‏ عايز أسمع منك وبس ‏..‏ قلت اللي جوايا ‏..‏ وكل اللي ممكن يتقال ‏..بس قلبي وجعني