كان أحمد أقرب أصدقائي وأكثرهم فهماً لشخصيتي، ولكن أصعب مرحلة في صداقتنا عندما دخلت في علاقة حب مع أحدهم، فلم يكن مقتنعاً أني قد أرتبط وأحب رجلاً، كنت أرى في عينيه نظرة غير مصدقة لما أقول عندما أقول له أني أحبه أو أني أخاف عليه وأحيانا أخاف منه، أراه يسألني مستفهما عما أقول ولكنه كان يخجل من مجرد السؤال حتى لا يحرجني أو يشعرني بالشخص الغاضب الرافض لتلك العلاقة الذي يسكن بداخله ويدعى الضمير.
لم يكن أحمد فقط هو الذي يرفض علاقتي بحبيبي ويتظاهر بالعكس، فأنا أيضا كنت أكره وأمِلُّ من كلامه وحكاياته عن زميلته التي اشترت له الشوكولاتة التي يفضلها، والأخرى التي خصصت له على هاتفها أغنية عبد الحليم حافظ "أهواك"، والتي تلمح له بإعجابها، والتي تفوقت عليهن جميعاً وصارحته أنها تحبه ولا تتمنى إلا أن تكون معه، ولكني لم أكن أجرؤ على الإفصاح له أني لا أقدر على سماع هذه الحكايات مثلما لن يقدر أن يستوعب مشاعري وحكاياتي عن الذي أحبه، بل نكاد أن نكون متزوجين.
* * * *
هل يمكن لدوامة الحياة أن تفرق صديقين؟ ربما... لماذا لا؟
جذبت ظروف الحياة أحمد وأخذتني مسئوليات عملي منه، وأصبح لقاؤنا اليومي أسبوعياً ثم شهرياً، وفي لقائنا آخر الشهر حكى لي عن "إلينا" صديقته الهولندية التي تعرف عليها على الإنترنت وتعيش مع صديقها ولديها طفل جميل من صديقها القديم، واندهشت من أنه لم يمارس الجنس إلا عندما تزوج مؤخراً، فرددت عليه أن حياة الـ Gays في مصر تشبه حياة الغرب قليلاً ولكن في الخفاء، فقد نحب مرة واثنتين وثلاثاً، وقد نعيش أحياناً سوياً ولكن دون أن يفصح أحد عن حياته السرية أو يعلنها للناس، فسألني ساخرا "وهل ستتزوج من صديقك؟" فلم أملك إجابة عليه.

وقفت عاجزاً مرة أخرى أمام كل هذه الأسئلة.. وحمدت الله أنه لم يلمح خط الدماء الذي كان يسيل من ركن فمي!